شادي صلاح الدين (لندن)

واصلت صحيفة «التايمز» البريطانية تحقيقاتها المثيرة حول كشف الدور الذي يربط النظام القطري بالإرهاب وتمويل الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، عبر استخدام بنوكه لنقل وتحويل الأموال إلى أفراد وجماعات مدرجة دولياً على قوائم الإرهاب. وأوضحت في تحقيق أن «بنك الدوحة» قام بتحويل مبالغ كبيرة من المال إلى جبهة النصرة الإرهابية المرتبطة بـ«القاعدة» في سوريا، وفقاً لدعوى صدرت في المحكمة العليا جاء فيها أن شقيقين ثريين قالا إنهما استعملا حسابات في هذا البنك، في لندن، بهذا الشأن خلال الحرب السورية.
وكانت «التايمز» كشفت هذا الأسبوع أن مصرف الريان البريطاني المملوك للنظام القطري، يقدم خدمات مالية للعديد من المنظمات المرتبطة بالمتطرفين في المملكة المتحدة، ومن بينها مؤسسة خيرية تدرجها الولايات المتحدة في قوائم الإرهاب. ورفع ثمانية سوريين، يعيشون الآن في أوروبا، دعوى تعويض على بنك الدوحة في المحكمة العليا. وأكدوا أنهم عانوا من إصابات جسدية ونفسية شديدة على أيدي المجموعة الإرهابية. وبالإضافة إلى ذلك، قال المدعون، الذين حصلوا من المحاكم على الحق في عدم الكشف عن هويتهم، إنهم عانوا من نزوح قسري من منازلهم في سوريا وفقدوا أعمالهم، نتيجة للأعمال غير القانونية لجبهة النصرة.
وتتركز قضية السوريين ضد «بنك الدوحة» وكل من «معتز ورامز الخياط»، وهما رجلا أعمال يحملان الجنسيتين السورية والقطرية، ويمتلكان ضمن أصولهما شركة مقاولات عالمية. والدعوى، التي صدرت الأسبوع الماضي في المحكمة العليا، تتهم الشقيقين بأنهما مولا أو ساعدا في تمويل جبهة النصرة، بما في ذلك من خلال الحسابات التي يحتفظان بها، أو الكيانات المرتبطة بهما في بنك الدوحة الذي يشكل أكبر مساهم فيه «هيئة الاستثمار القطرية» (صندوق الثروة السيادية في قطر). وأشارت «التايمز» إلى أنه تم إرسال مبالغ كبيرة من الأموال عبر البنك إلى حسابات في تركيا ولبنان، حيث تم سحب الأموال ونقلها عبر الحدود السورية لتسليمها إلى الإرهابيين. وجاء في الدعوى «أنه نتيجة لأفعال المدعى عليهم، تمكنت جبهة النصرة من التسبب في خسائر وأضرار للمدعين».
ودعت «التايمز» بنك الدوحة والأخوين الخياط للتعليق على الادعاءات الواردة في الدعوى. ورغم ذلك لم تحصل على أي رد. وأكد ريتشارد وايتنج، كبير ممثلي البنك في لندن، أنه تلقى الدعوى القضائية الأسبوع الماضي. وقال: «التفاصيل الواردة في الدعوى التي تم تلقيها مؤخراً محدودة وبنك الدوحة يأخذ المشورة القانونية. ومع ذلك، فإنه يعتبر أن الادعاءات المقدمة ضده لا أساس لها من الصحة». ويمثل أصحاب الدعوى السوريين «شركة المحاماة ريتشارد سليد وشركاه في لندن» التي قالت إنه تم اتخاذ خطوات في إطار الدعوى القضائية ضد الأخوين الخياط. وخاصة أن بنك الدوحة والأخوين «عرفوا (أو يجب أن يكونوا على علم) أن الأموال التي تم تمريرها منهم، أو من خلال حساباتهم، كانت موجهة إلى جبهة النصرة»، وهو إجراء انتهك القوانين الدولية والوطنية. ودعا المدعون المحكمة في لندن إلى تطبيق القانون السوري للبت في الدعوى.
إلى ذلك، اتهم السير جون جنكينز، السفير البريطاني السابق لدى سوريا والعراق وليبيا، قطر بالترويج المنتظم للقضايا المتطرفة، بما في ذلك في المملكة المتحدة، فيما قال أحد أعضاء حزب المحافظين إنه سيثير المسألة مع وزيرة الداخلية. وحذّر جنكينز، من سياسات النظام القطري، مؤكداً أن قادة الدوحة يسعون إلى نشر الفوضى والترويج لأيديولوجيات متطرفة في المنطقة من أجل تحقيق مكاسب وشراء نفوذ إقليمي، وقال في مقال نشرته «التايمز»: «لاحظت الضرر الذي يمكن أن يحدثه المتطرفون، لأول مرة، عندما كنت أعمل في ماليزيا قبل 30 عاماً. كان هناك احتجاج شديد على طلب تدمير المواقع الدينية في مالاكا».
وأضاف: «بعد عشرين عاماً، شاهدت من نافذة مكتبي في ليبيا ضريحاً في طرابلس يهدم»، وأشار إلى دور الحكومة القطرية في نشر التطرف في الشرق الأوسط، موضحاً: «قطر دولة صغيرة وضعيفة عسكرياً، وتزعج جيرانها بإشاعة الفوضى والظهور بنفس الوقت بالمظهر التقي الورع». وأضاف: «يعتقد قادة قطر أنهم قادرون على درء الخطر باستخدام أموالهم لشراء النفوذ الإقليمي وجذب دول الغرب المتحمسة لبناء قواعد عسكرية أو الاستثمار الداخلي واستضافة كأس العالم». وأكد أن قطر تروج للسلفية الخطيرة، من خلال التأثير الظاهر لـ«الإخواني» يوسف القرضاوي، وقناعات بعض أفراد الأسرة الحاكمة الذين لهم علاقات بأناس فرضت عليهم عقوبات متعلقة بالإرهاب من قبل أميركا وبريطانيا. وقال: «إن قطر تدمر مصر وتونس وليبيا وسوريا وغزة وباكستان وأماكن أخرى، وستكون مدمرة لبريطانيا».